Sun, 19 May 2024 11:46:13 +0000

قال: ويلك أما تخرج إلي إلا كما يخرج إلى الكلب بالمقلاع والحجارة ؟ لأبددن لحمك, ولأطعمنه اليوم الطير والسباع! 4481 - حَدَّثَنِي مُوسَى, قَالَ: ثنا عَمْرو, قَالَ: ثِنَا أَسْبَاط, عَنْ السُّدِّيّ, قَالَ: عَبَرَ يَوْمئِذٍ النَّهَر مَعَ طَالُوت أَبُو دَاوُد فِيمَنْ عَبَرَ مَعَ ثَلَاثَة عَشَرَ ابْنًا لَهُ, وَكَانَ دَاوُد أَصْغَر بَنِيهِ. وَكَانَ سَبَب قَتَلَهُ إيَّاهُ كَمَا: 4477 - حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق, قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّار بْن عَبْد اللَّه, قَالَ: سَمِعْت وَهْب بْن مُنَبِّه يُحَدِّث, قال: لَمَّا خرج, أو قال: لَمَّا بَرَزَ طَالُوت لِجَالُوت, قَالَ جَالُوت: أَبَرَزُوا لِي مَنْ يُقَاتِلنِي, فَإِنْ قَتَلَنِي, فَلَكُمْ مُلْكِي, وَإِنْ قَتَلْته فَلِي مُلْككُمْ!

كان لابد أن يكون قد جاهد نفسه قبل ذلك كله على التوبة والاستقامة والإنابة والتقوى.. فلم يكن ليُقدِم على مثل ذلك وهو من أهل المعاصي والغفلة.. حقق داوود في هذا الموقف عشرات الطاعات.. لو كتبها كاتبٌ في كتابٍ لملأه.. أشار إليها القرآن المعجز بثلاثِ كلماتٍ فحسب: (وقتل داوود جالوت). فلما أصبح أرسل طالوت من يدعو له داود, وقد صنعت امرأته على فراشه كهيئة النائم ولحفته. وقال ابن عباس: هو أن الله أعطاه سلسلة موصولة بالمجرة والفلك ورأسها عند صومعة داود؛ فكان لا يحدث في الهواء حدث إلا صلصلت السلسلة فيعلم داود ما حدث، ولا يمسها ذو عاهة إلا برئ؛ وكانت علامة دخول قومه في الدين أن يمسوها بأيديهم ثم يمسحون أكفهم على صدورهم، وكانوا يتحاكمون إليها بعد داود عليه السلام إلى أن رفعت. 4487 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع, قَالَ: ثِنَا أَبِي, عَنْ حَنْظَلَة, عَنْ أَبِي مُسْلِم, قَالَ: سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول: لَوْلَا بَقِيَّة مَنْ الْمُسْلِمِينَ فِيكُمْ لَهَلَكْتُمْ. فردّ عليهم قلةٌ منهم بالعبارة التي بقيت على مَرّ الأزمان (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله). قلت: وفي قول طالوت: (من يبرز له ويقتله فإني أزوجه ابنتي وأحكمه في مالي) معناه ثابت في شرعنا، وهو أن يقول الإمام: من جاء برأس فله كذا، أو أسير فله كذا على ما يأتي بيانه في "الأنفال" إن شاء الله تعالى. 4478 - حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: كان داود النبي وإخوة له أربعة, معهم أبوهم شيخ كبير, فتخلف أبوهم وتخلف معه داود من بين إخوته في غنم أبيه يرعاها له, وكان من أصغرهم وخرج إخوته الأربعة مع طالوت, فدعاه أبوه وقد تقارب الناس ودنا بعضهم من بعض. فَلَمَّا لَبِسَهُ دَاوُد تَضَايَقَ الثَّوْب عَلَيْهِ حَتَّى تَنَقَّضَ. فَأَخَذَ دَاوُد حَجَرًا وَرَمَاهُ بِالْمِقْلَاعِ, فَأَصَابَتْ بَيْن عَيْنَيْهِ حَتَّى نَفَذَتْ فِي دِمَاغه, فَصُرِعَ جَالُوت, وَانْهَزَمَ مَنْ مَعَهُ, وَاحْتَزَّ دَاوُد رَأْسه. وَأَقْبَلَ النَّاس عَلَى دَاوُد مَكَانه, حَتَّى لَمْ يُسْمَع لِطَالُوت بِذِكْرٍ; إلَّا أَنَّ أَهْل الْكِتَاب يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى انْصِرَاف بَنِي إسْرَائِيل عَنْهُ إلَى دَاوُد, هَمَّ بِأَنْ يَغْتَال دَاوُد وَأَرَادَ قَتْله فَصَرَفَ اللَّه ذَلِك عَنْهُ وَعَنْ دَاوُد وَعَرَفَ خَطِيئَته, وَالْتَمَسَ التَّوْبَة مِنْهَا إلَى اللَّه. وسمع في العسكر خوض الناس بذكر جالوت, وعظم شأنه فيهم, وبهيبة الناس إياه, ومما يعظمون من أمره, فقال لهم: والله إنكم لتعظمون من أمر هذا العدو شيئا ما أدري ما هو, والله إني لو أراه لقتلته, فأدخلوني على الملك!

قال: لا أكلفك إلا ما تطيق, أنت رجل جريء, وفي جبالنا هذه جراجمة يحتربون الناس وهم غلف, فإذا قتلت منهم مائتي رجل, فأتني بغلفهم. قَالَ: سُبْحَان اللَّه لَيْسَ بِأَهْلِ ذَلِك مِنْك! قوله تعالى { وآتاه الله الملك والحكمة} قال السدي: أتاه الله ملك، طالوت ونبوة شمعون. و ات ب ع وا م ا ت ت ل وا الش ي اط ين ع ل ى م ل ك مكرر 5 ساعات الشيخ عبدالرحمن السديس. وكان داود إذا فزع لا يدرك, فركض على أثره طالوت, ففزع داود, فاشتد فدخل غارا, وأوحى الله إلى العنكبوت فضربت عليه بيتا; فلما انتهى طالوت إلى الغار نظر إلى بناء العنكبوت, فقال: لو كان دخل ها هنا لخرق بيت العنكبوت, فخيل إليه فتركه. وَكَانَ دَاوُد فَارًّا فِي الْجَبَل حَتَّى قَتَلَ طَالُوت, وَمَلَكَ دَاوُد بَعْده. ثم قال لطالوت: أعطني ما وعدتني! فَلَمَّا أَصْبَحُوا رَجَعُوا إلَى جَالُوت, فَلَمَّا الْتَقَى النَّاس قَالَ دَاوُد: أَرُونِي جَالُوت! ولكن غالبهم نكص عن فعل القتال نفسه.. رغم تأييدهم له، ورغم اقتناعهم به، وطلبهم له.. بل ورغم اضطرارهم له بعد أن أخرجوا من ديارهم وأبنائهم (فلما كُتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم).

فخرج على إبراهيم, فجعله في مرجمته, فخرقت ثلاثا وثلاثين بيضة عن رأسه, وقتلت ثلاثين ألفا من ورائه. ثم مشى إلى جالوت, وكان جالوت من أجسم الناس وأشدهم; فلما نظر إلى داود قذف في قلبه الرعب منه, فقال له: يا فتى ارجع فإني أرحمك أن أقتلك! وَكَانَ دَاوُد إذَا فَزِعَ لَا يُدْرَك, فَرَكَضَ عَلَى أَثَره طَالُوت, فَفَزَعَ دَاوُد, فَاشْتَدَّ فَدَخَلَ غَارًا, وَأَوْحَى اللَّه إلَى الْعَنْكَبُوت فَضَرَبَتْ عَلَيْهِ بَيْتًا; فَلَمَّا انْتَهَى طَالُوت إلَى الْغَار نَظَرَ إلَى بِنَاء الْعَنْكَبُوت, فَقَالَ: لَوْ كَانَ دَخَلَ هَا هُنَا لَخَرَقَ بَيْت الْعَنْكَبُوت, فَخُيِّلَ إلَيْهِ فَتَرَكَهُ. فَلَمَّا أَتَاهُ دَاوُد مَرَّ فِي الطَّرِيق بِثَلَاثَةِ أَحْجَار, فَكَلَّمْنَهُ, وَقُلْنَ لَهُ: خُذْنَا يَا دَاوُد تَقْتُل بِنَا جَالُوت!

فلما رأى ذلك طالوت وجد في نفسه وحسده, فأراد قتله. وقد أكثر الناس في قصص هذه الآي، وقد ذكرت لك منها المقصود والله المحمود. وقال سفيان الثوري: هم الشهود الذين تستخرج بهم الحقوق. فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى إيشا, فَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيَّ بَنِيك!

فأخرج الحجارة فجعلها في القذافة, كلما رفع حجرا سماه, فقال: هذا باسم أبي إبراهيم, والثاني باسم أبي إسحاق, والثالث باسم أبي إسرائيل. فلما جاء داود وضعوا القرن على رأسه, فغلى حتى ادهن منه, ولبس الثوب فملأه, وكان رجلا مسقاما مصفارا, ولم يلبسه أحد إلا تقلقل فيه. فأرسل طالوت في عسكره صائحا من يبرز لجالوت, فإن قتله, فإن الملك ينكحه ابنته, ويشركه في ملكه. فعجب من ذلك طالوت, فشد عليه أداته كلها. قَالَ: فَأَخَذَهُنَّ فَجَعَلَهُنَّ فِي مِخْلَاته. ثم صرف فرسه, فرجع إلى الملك, فقال الملك ومن حوله: جبن الغلام! فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِك مِنْ أَبِيهِ, انْطَلَقَ إلَى أُخْته, فَقَالَ لَهَا: إنِّي قَدْ خِفْت أَبَاك أَنْ يَقْتُل زَوْجك دَاوُد, فَمُرِيهِ أَنْ يَأْخُذ حَذَره, وَيَتَغَيَّب مِنْهُ.

وقيل: هذا الدفع بما شرع على السنة الرسل من الشرائع، ولولا ذلك لتسالب الناس وتناهبوا وهلكوا، وهذا قول حسن فإنه عموم في الكف والدفع وغير ذلك فتأمله. ثُمَّ انْهَزَمَ جُنْده, وَقَالَ النَّاس: قَتَلَ دَاوُد جَالُوت, وَخَلَعَ طَالُوت. لا تنس أن هذا القائد جاءهم بوحي من الله، وإجابة لدعوة نبي من أنبياء الله.. فهو لا يختبرهم تعسفا و تسلطا و تعنتا.. بل إنه يخبرهم أن هذا الامتحان هو من قِبَل الله تعالى نفسه (إن الله مبتليكم بنهر). ثُمَّ صَرَفَ فَرَسه, فَرَجَعَ إلَى الْمَلِك, فَقَالَ الْمَلِك وَمَنْ حَوْله: جَبُنَ الْغُلَام! قال: فأخذهن فجعلهن في مخلاته. ثم أدار القذافة فعادت الأحجار حجرا واحدا, ثم أرسله فصك به بين عيني جالوت, فنقب رأسه فقتله. فألبسه طالوت سلاحا, فكره داود أن يقاتله, وقال: إن الله لم ينصرني عليه لم يغن السلاح. واحتجت لاختيارها ذلك بأن كثيرا من خلقه يعادون أهل دين الله, وولايته والمؤمنين به, فهو بمحاربتهم إياهم ومعاداتهم لهم لله مدافعون بباطلهم, ومغالبون بجهلهم, والله مدافعهم عن أوليائه وأهل طاعته والإيمان به. فَخَرَجَ بِالنَّاسِ حَتَّى أَتَى مَدْيَن, فَقَتَلَ مَنْ كَانَ فِيهَا إلَّا مَلِكهمْ, فَإِنَّهُ أَسَرَهُ, وَسَاقَ مَوَاشِيهمْ. فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا بُنَيّ, فَإِنَّ هَذَا خَيْر أَعْطَاكَهُ اللَّه!. ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ النَّدَامَة, فَأَرَادَ قَتْل دَاوُد حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ إلَى الْجَبَل, فَنَهَضَ إلَيْهِ طَالُوت فَحَاصَرَهُ. وكان يرجو بذلك أن يقتل داود.

فلما رجعوا إلى طالوت ادعى الناس قتل جالوت, فمنهم من يأتي بالسيف وبالشيء من سلاحه أو جسده, وخبأ داود رأسه, فقال طالوت: من جاء برأسه فهو الذي قتله. الشيخ مصطفى اسماعيل ولما برزوا لجالوت من النوادر رووعه. ولكن الله ذو فضل على العالمين}. أخذ بعضهم هذا المعنى فقال: لولا عباد للإله ركع ** وصبية من اليتامى رضع ومهملات في الفلاة رتع ** صب عليكم العذاب الأوجع وروى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ليصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم). قَالَ: إنَّك غُلَام أَحْمَق, مَا أَرَاهُ إلَّا سَوْف يُخْرِجك وَأَهْل بَيْتك مَنْ الْمُلْك. ثُمَّ مَشَى إلَى جَالُوت, وَكَانَ جَالُوت مِنْ أَجْسَم النَّاس وَأَشَدّهمْ; فَلَمَّا نَظَرَ إلَى دَاوُد قُذِفَ فِي قَلْبه الرُّعْب مِنْهُ, فَقَالَ لَهُ: يَا فَتَى ارْجِعْ فَإِنِّي أَرْحَمك أَنْ أَقْتُلك!

ثُمَّ إنَّهُ رَكِبَ يَوْمًا فَوَجَدَهُ يَمْشِي فِي الْبَرِيَّة وَطَالُوت عَلَى فَرَس, فَقَالَ طَالُوت: الْيَوْم أَقْتُل دَاوُد! وقد قيل: إنما أصاب بالحجر من البيضة موضع أنفه، وقيل: عينه وخرج من قفاه، وأصاب جماعة من عسكره فقتلهم. القول في تأويل قوله تعالى: { وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء} يعني تعالى ذكره بذلك: وأعطى الله داود الملك والحكمة وعلمه مما يشاء. قال ابن جريج: قال مجاهد: كان بعث أبو داود مع داود بشيء إلى إخوته, فأخذ مخلاة فجعل فيها ثلاث مروات, ثم سماهن إبراهيم وإسحاق ويعقوب. هؤلاء القلة، قرر قائدهم أن يختبرهم.. اختبار: الطاعة والصبر.. العمودان اللذان بدونهما لن يثبتوا أمام عدو، ولن ينتصروا في معركة. ثم إنه ركب يوما فوجده يمشي في البرية وطالوت على فرس, فقال طالوت: اليوم أقتل داود!

وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى قَوْله الْعَالَمِينَ, وَذَكَرْنَا الرِّوَايَة فِيهِ. الشيخ الألباني هل قتل داود عليه السلام جالوت كان بحجر. فَلَمَّا جَاءَ رَسُول طَالُوت قَالَ: أَيْنَ دَاوُد ؟ لِيُجِبْ الْمَلِك! والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان قد قرأت بهما القراء وجاءت بهما جماعة الأمة, وليس في القراءة بأحد الحرفين إحالة معنى الآخر. وَقَتَلَ دَاوُد جَالُوت} وَدَاوُد هَذَا هُوَ دَاوُد بْن إيشا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وحكى مكي أن أكثر المفسرين على أن المعنى: لولا أن الله يدفع بمن يصلي عمن لا يصلي وبمن يتقي عمن لا يتقي لأهلك الناس بذنوبهم؛ وكذا ذكر النحاس والثعلبي أيضا.